فقد جاء في تفاسير القرآن الكريم من أن الناقة التي أرسلها الله سبحانه وتعالى كآية إلى قوم ثمود قد خرجت من صخرة عظيمة تقع منفلردة في ناحية الحجر. وقد ذكر المفسرون أن ثمود اجتمعوا يوماً في ناديهم فجاءهم رسول الله صالح فدعاهم إلى الله وذكرهم وحذرهم ووعظهم وأمرهم فقالوا له: إن أنت أخرجت لنا من هذه الصخرة - وأشاروا إلى صخرة هناك - ناقة من صفتها كيت وكيت وذكروا أوصافاً سموها ونعتوها وتعنتوا فيها، وأن تكون عشراء، طويلة من صفتها كذا وكذا فقال لهم النبي صالح عليه السلام: أرأيتم إن أجبتكم إلى ما سألتم على الوجه الذي طلبتم أتؤمنون بما جئتكم به وتصدقوني فيما أرسلت به؟ قالوا: نعم. فأخذ عهودهم ومواثيقهم على ذلك. ثم قام إلى مصلاه فصلى لله عز وجل ما قدر له ثم دعا ربه عز وجل أن يجيبهم إلى ما طلبوا فأمر الله عز وجل تلك الصخرة أن تنفطر عن ناقة عظيمة عشراء على الوجه المطلوب الذي طلبوا أو على الصفة التي نعتوا فلما عاينوها كذلك رأوا أمراً عظيماً ومنظراً هائلاً وقدرة باهرة ودليلاً قاطعاً وبرهاناً ساطعاً فآمن كثير منهم واستمر أكثرهم على كفرهم وضلالهم وعنادهم.
وقد يسأل سائل عن المصدر الذي استقى منه المفسرون هذه الروايات عن مواصفات الصخرة وكذلك الناقة والطريقة التي عقرت بها وحتى أسماء الأشخاص الذين تآمروا على قتلها. والجواب على ذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد قص على أصحابه كثيرا من تفصيلات قصة صالح عليه السلام مع قومه عند مروره بالحجر في طريقه إلى تبوك وقد حفظها من حفظها ونسيها من نسيها. فقد روى أبو الزبير عن جابر قال : لما نزلنا الحجر فغزا رسول الله صلى الله عليه وسلم تبوك ، قال : « أَيُّهَا النَّاسُ لاَ تَسْأَلُوا عَن هَذِهِ الآياتِ [ هؤلاء ] قَوْمُ صَالِحٍ سَأَلُوا نَبِيَّهُم أَن يَبْعَثَ اللَّهُ لَهُم آيَةً ، فَبَعَثَ اللَّهُ لَهُم نَاقَةً فَكَانَتْ تَرِدُ مِن ذَلَكِ الفَجَ فَتَشْرَبُ مَاءَهُم يَوْمَ وُرُودِهَا وَيَحْلِبُونَ مِنْهَا مِثْلَ الَّذِي كَانُوا يَشْرَبُونَ مِنْهَا يَوْمَ غِبِّهَا وَيَصْدِرُونَ عَن ذَلِكَ ، وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ تَعَالَى : { وَنَبِئّهُمْ أَنَّ الْمَآءَ قِسْمَةٌ بَيْنَهُم} » الآية.
وروى البخاري عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما نزل الحجر في غزوة تبوك أمرهم ألا يشربوا من بئرها ولا يستقوا منها فقالوا: قد عجنا واستقينا فأمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يهريقوا ما استقوا ويعلفوا الإبل العجين، وأمرهم أن يستقوا من البئر التي تردها الناقة.
ويتبين لنا من هذه الأحاديث أنه إذا كان رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم قد حدد الفج الذي كانت تدخل منه الناقة والبئر التي كانت تشرب منه فلا يستعبد أن يكون قد حدد الصخرة التي خرجت منها وكذلك بقية التفاصيل المتعلقة بها وقام الصحابة بتداولها كروايات دون نسبتها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
أما مواصفات الصخرة فسنستخلصها من كتب التفسير ثم نقوم بمقارنتها بمواصفات الصخور الموجودة في الوادي اعتمادا على صور الجوجل إيرث. فقد جاء في تفسير ابن كثير ما نصه "وفي الصحيح عن ابن عمر أن الناس نزلوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم على الحجر أرض ثمود، فاستقوا وكانوا هم الذين سألوا صالحاً أن يأتيهم بآية واقترحوا عليه بأن تخرج لهم من صخرة صماء عينوها بأنفسهم وهي صخرة منفردة في ناحية الحجر يقال لها الكاتبة فطلبوا منه أن تخرج لهم منها ناقة عشراء تمخض فأخذ عليهم صالح العهود والمواثيق لئن أجابهم الله إلى سؤالهم وأجابهم إلى طلبتهم ليؤمنن به وليتبعنه فلما أعطوه على ذلك عهودهم ومواثيقهم قام صالح عليه السلام إلى صلاته ودعا الله عز وجل فتحركت تلك الصخرة ثم انصدعت عن ناقة جوفاء وبراء يتحرك جنينها بين جنبيها كما سألوا". وإذا ما دققنا النظر في صورة الجوجل إيرث التالية نلاحظ وجود صخرة عظيمة مغطاة بالسواد تقع منفردة في أعلى يمين الواد.
وهذه الصخرة من الضخامة بحيث أنها أقرب لئن تكون جبلا صخريا وهي ذات شكل عجيب مما يؤكد على الرواية التي تقول أن ثمود كانت تعبد آصنامها عندها. ويبلغ أقصى طول للصخرة ألف وخمسمائة متر أما أقصى عرض لها فيبلغ 700 متر ويبلغ أقصى ارتفاع لها مائة متر عن الأرض المحيطة بها